تشكّل مقولات شعبية دارجة من مثل "بنت العم لابن العم"، "ابن العم
ينزّل بنت العم عن الفرس" و"البنت تحجز من يوم ولادتها"،
نوعاً من الثقافة والمخيال الجمعي الذي يعزز عادة الزواج
بين الأقارب ويجعلها خياراً مفضلاً في تكوين الأسر.
ويوضح أستاذ علم الاجتماع د. حسين محادين أن علم الاجتماع
يصف زواج الاقارب بأنه الزواج الداخلي أي من داخل حدود العائلة الأكبر "
وفي الماضي كان الحس الجمعي بين أبناء العشيرة قوياً بحكم ضعف
الدولة المركزية من جهة ولإيلاء رابطة الدم اهتماماً كبيراً من جهة أخرى،
أما من ناحية اقتصادية فقد كان ينظر الى هذا النوع من الزواج بأنه محاولة
إبقاء الثروة الاقتصادية بحدود أبناء العائلة الواحدة".
وبسبب زواج الأقارب، كما يرجح لها الأطباء، جاء اثنان من أولاد (عبير)
المتزوجة من ابن عمها وأم لثلاثة أطفال، معاقيْن. وهما لا يستطيعان
المشي ولا الكلام ولا استيعاب أي شيء مما يدور من حولهما.
وتذكر عبير أن الاطباء أخبروها أثناء فترة حملها أن الطفلين طبيعيان
وبصحة جيدة ولكنهما لم يكونا كذلك؛ فالطفلة جاءت معاقة منذ ولادتها،
والطفل جاء سليما لمدة خمسة أشهر وبعد ذلك حصلت له الاعاقة.
وفي سياق متشابه، فإن علي هو الابن الوحيد السليم بين أربعة أخوة
معاقين لا يستطيعون المشي، ويتكلمون بصعوبة كبيرة،
والسبب في ذلك أن أمه تربطها صلة قرابه قوية مع والده.
اختصاصية الأمراض الوراثية تمارا موفق تقول ان زواج الأقارب
يزيد من نسبة المصابين بالأمراض الوراثية، ولكن هذا لا يعني أنهم
اذا كانوا أغرابا فلن يصابوا بالمرض، ولكن زواج الأقارب يزيد من هذه
الاحتمالية وبنسب مختلفة تعتمد على ما هو المرض وما هي درجة القرابة
بين الزوجين، وهل يوجد في العائلة أناس مصابون أم لا،
فاذا كانت العائلة لا تحمل أمراضا وراثية لا يمكن منعهم من الزواج،
كما أكدت على ضرورة اجراء الفحص الطبي الذي يتم عمله
قبل أي حالة زواج وهو فحص التلاسيميا.
وحول رأي الشريعة في المسألة يبيّن د. أحمد عوايشة أن الزواج
من أقارب ليس محرّماً لأن النبي عليه الصلاة والسلام تزوج من اقاربه،
لكن الشريعة بمقاصدها العامة تنهي عن الزواج من أقارب اذا تبين
أن هناك أمراضا وراثية، فلا نستطيع أن نحرمه ولا أن نبيحه، فاذا تبين
ان العائلة سليمة ولا امراض وراثية فيها، فهذا لا حرج فيه، أما اذا كان
هناك مرض وراثي، فالشريعة تحبذ ألا يتم الزواج كي يخرج
النسل سليماً معافى بإذن الله تعالى.
يقول أحمد المتزوج من ابنة خالته أن أطفالهما لا يعانون "والحمد لله"
من إعاقات واضحة، وإن كان الأمر لا يخلو من بعض العوارض الصحية
التي تواجه أطفالهما مثل بطء النمو، وضعف النظر، وعدم قدرتهم
على الاستيعاب بشكل كبير، وذلك بسبب زواجه من ابنة خالته.
وهنا يضيف محادين أنه في ظل التطورات اللاحقة في المجتمع الاردني
ونتيجة لارتفاع نسبة التحضر والتعليم في المجتمع ضعفت مثل هذه المحددات،
وأصبح الزواج الخارجي هو الأكثر انتشاراً، لأسباب مرتبطة بزيادة حرية الفرد،
وزيادة نسب الاستقلال الاقتصادي لدى الافراد، وارتباطهم بعلاقات اجتماعية
خارج القرى والبلدات الصغيرة التي كانوا بها، علاوة على أن العلم والاطباء
قد أثبتوا أن زواج الاقارب يحتمل خطورة مضاعفة بموضوعات الامراض الوراثية،
دون أن ننسى أن المجتمع العربي المسلم قد تمثل قول الرسول عليه الصلاة
والسلام "غرّبوا النكاح".
وتصل نسبة الزواج من الأقارب في الأردن الى 43%
في حين أن نسبته بين السعوديين هي 57.7%
وهي الاكبر بين دول العالم في معدلات زواج الاقارب،
وتزيد في الكويت على 40% من اجمالي الزيجات،
وتبلغ حوالي 49% في فلسطين،
و38% في مصر.
منقول من جريدة الغد
الثلاثاء أكتوبر 28, 2008 5:29 am
